الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **
غزوة مسلم بن عبد الملك حتى بلغ قيسارية ففتحها الله على يديه.وفيها: غزا إبراهيم بن هشام ففتح حصنًا من حصون الروم.وفيها: وقع حريق بدابق حتى احترق الرجال والدواب. وفيها: حج بالناس إبراهيم بن هشام وهو الأمير على مكة والمدينة والطائف. بكر بن عبد الله المزني: أسند عن ابن عمر وجابر وأنس وغيرهم.وكان فقيهًا ثقة حجة عابدًا شديد الخوف من الله عز وجل.وقف بعرفة فرق فقال: لو لا أني فيهم لقلت قد غفر لهم.وكان يلبس الثياب الحسان وكانت قيمة كسوته أربعة آلاف درهم فاشترى طيلسانًا بأربعمائة درهم،وكان يقال: الحسن شيخ البصرة وبكر فتاها. أخبرنا أبو المعمر الأنصاري بإسناد له عن غالب القطان عن بكر بن عبد الله المزني قال: أحوج الناس إلى لطمة من دعي إلى وليمة فذهب معه بآخر وأحوج الناس إلى لطمتين رجل دخل إلى دار قوم فقيل له اجلس ها هنا فقال لا بل ها هنا وأحوج الناس إلى ثلاث لطماترجل قدم إليه طعام فقال: لا آكل حتى يجلس معي رب البيت.أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري قال: أخبرنا محمد بن بشران قال: أخبرنا صفوان قال: أخبرنا أبو بكر القرشي قال: حدَّثني محمد بن الحسين قال: حدَّثنييحيى بن بسطام قال: حدَّثني مسمع بن عاصم قال: حدَّثني رجل من آل عاصم الجحدري قال: رأيت عاصمًا الحجدري بعد موته بسنتين فقلت: أليس قد مت قال: بلى قلت: فأينأنت قال: أنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني فنتلاقى.قال: قلت: أرواحكم وأجسامكم قال: هيهات بليت الأجسام وإنما تتلاقى الأوراح.توفي بكر في هذه السنة بالبصرة. عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه روى عن أبيه أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا أبو أيوب الجلاب قال: حدَّثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدَّثنا محمد بن سعد قال: حدَّثنا مصعب بن عبد الله الزبيري عن مصعب بن عثمان قال: كان عبد الرحمن بن أبان يشتري أهل البيت ثم يأمر بهم فيكسون ويذهبون ثم يعرضون عليه فيقول: أنتم أحرار لوجه الله أستعين بكم على غمرات الموت، قال: فمات وهو قائم في مسجده يعني في السبخة. القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أبو بحمد: كان دينًا أمه أم ولد روى عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة. أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني قال: حدَّثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: أخبرنا أبو العباس السراج قال: حدَّثنا حاتم بن الليث قال: حدَّثنا ابن نمير قال: حدَّثنا يونس بن بكير قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق قال: جاء أعرابي على القاسم بن محمد فقال: أنت أعلم أو سالم قال: ذاك منزل سالم فلم يزد عليها حتى قام الأعرابي قال ابن إسحاق: كره أن يقول: هو أعلم مني فيكذب أو يقول: أنا أعلم منه فيزكي نفسه. أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري قال: أخبرنا محمد بن الحسينبن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدَّثنا يعقوب بن سفيان قال: حدَّثنا سليمان بن حرب قال: حدَّثنا وهيب عن أيوب قال: ما رأيت رجلًا أفضل من القاسم ولقد ترك مائة ألف وهي له حلال. قال يعقوب: و حدَّثنا محمد بن أبي زكريا بن وهب قال: حدَّثني مالك أن عمر بن عبد العزيز قال: لو كان إلي من الأمر شيء لوليت القاسم للخلافة. عن محمد قال: حدَّثنا الحميدي عن سفيان قال: اجتمعوا إلى القاسم بن محمد في صدقة قسمها. قال: وهو يصلي فجعلوا يتكلمون فقال ابنه: إنكم اجتمعتم إلى رجل والله ما نال منها درهمًا ولا دانقًا قال: فأوجز القاسم ثم قال: يا بني قل فما علمت. قال سفيان: صدق ابنه ولكنه أراد تأديبه في النطق وحفظه. أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن سليمان قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدَّثنا أبو بكر بن مالك قال: حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدَّثنا الوليد بن شجاع قال: حدَّثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة قال: مات القاسم بن محمد بين مكة المدينة حاجًا أو معتمرًا فقال لابنه: شن علي التراب شنًا وسو توفي القاسم في هذه السنة بعد أن كف بصره بنحو ثلاث سنين وقد عبر السبعين محمد بن كعب أبو حمزة القرظي: أخبرنا علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رزق الله بن عبد الوهاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدَّثنا ابن صفوان قال: أخبرنا أبو بكر القرشي قال: حدَّثني سلمة بن شبيب عن زهير بن عباد قال: حدَّثني أبو كثير البصري قال: قالت أم محمد بن كعب القرظي لمحمد: يا بني لولا أني أعرفك صغيرًا طيبًا وكبيرًا طيبًا لظننت أنك أحدثت ذنبًا موبقًا لما أراك تصنع بنفسك في الليل والنهار فقال: يا أمتاه وما يؤمنني أن يكون الله قد اطلع علي وأنا في بعض ذنوبي فمقتني فقال: اذهب لا أغفر لك مع أن عجائب القرآن تردني على أمور حتى أنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي.كان محمد بن كعب يقص بالمدينة فسقط عليه مسجده وعلى جميع من كان معه فقتلهم وذلك في هذه السنة. موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس: ولد بالسراة سنة إحدى وثمانين وتوفي ببلاد الروم غازيًا في هذه السنة عن سبع وعشرين سنة مورق بن المشمرح أبو بكر العجلي البصري: عابد زاهد روى عن ابن عمر وأنس وغيرهما. وكان يقول: أمر أنا في طلبه منذ عشرين سنة لم أقدر عليه ولست بتارك طلبه أبدًا قيل: وما هو قال: الصمت عما لا يعنيني وما قلت في الغضب شيئًا قط فندمت عليه في الرضى. وكان يدخل على بعض إخوانه فيضع عندهم الدراهم فيقول: امسكوها حتى أعود إليكم فإذا خرج قال: أنتم في حل منها. نصيب بن رباح وقيل أبو محيجن الشاعر مولى عبد العزيز بن مروان: وكان أسود شديد السواد جيد الشعر عفيف الفرج كريمًا يفضل بماله وطعامه وكان أهل البادية يدعونه النصيب تفخمًا لما يرون من جودة شعره ولم يهج أحدًا تدينًا وكان في أول أمره عبدًا لبني كعب راعيًا لهم فباعوه من قلاص بن محرز الكناني وكان يرعى إبله. وزعم أبن الكلبي أن نصيبًا من بني الحاف بن قضاعة وكانت أمه أمة فوثب عليها سيدها فجاءت بنصيب فوثب عليه عمه فباعه من رجل فاشتراه عبد العزيز بن مروان من الرجل. وقال غيره: إنما كان يتولع بالشعر فلما جاء قوله استأذن مولاه في إتيان بني مروان فلم يأذن له فهرب على ناقة بالليل ودخل على عبد العزيز بن مروان فمدحه فقال: حاجتك قال: أنا مملوك فقال: للحاجب: اخرج فأبلغ في قيمته فجمع له المقومين فقال: قوموا غلا مًا أسود ليس به عيب قالوا: مائة دينار قال: أنه راعي إبل يبصرها ويحسن القيام عليها قالوا: مائتا دينار قال: إنه يبري النبل ويريشها ويبري القسي قالوا: أربعمائة دينار قالوا إنه راوية للشعر قالوا: ستمائة دينار قال: أعطوه ألف دينار فعاد فاشترى أمه وأخته وأهله وأعتقهم. وقد مدح عبد العزيز بن مروان وأخاه عبد الملك بن مروان وأولاده وعمر بن عبد العزيزوحصل منهم مالًا كثيرًا. وقال أيوب بن عباية: بلغني أن النصيب كان إذا قدم على هشام بن عبد الملك أخلى له مجلسه واستنشده مراثي بني أمية فإذا أنشده بكى وبكى معه فأنشده يومًا قصيدة مدحه بها يقول فيها: إذا سبق الناس العلا سبقتهم يمينك عفوًا ثم ضلت شمالهافقال له هشام: يا أسود بلغت غاية المدح فسلني فقال: يدك بالعطية أجود وأبسط من لسانيبمسألتك فقال: هذا والله أحسن من الشعر، وأحسن جائزته، ومن شعر نصيب يمدح نفسه: ليس السواد بناقصي ما دام ** لي هذا اللسان إلى فؤاد ثابت كم بين أسود ناطق ببيانه **ماضي الجنان وبين أبيض صامت أني ليحسدني الرفيع بناؤه **من فضل ذاك وليس بي من شامت وكان نصيب قد تشبب بزينب والمشهور عنها أنها كانت بيضاء مستحسنة.وقد روي أيضًا أنها كانت سوداء. أخبرنا محمد بن ناصر قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا إبراهيم بن عمرالبرمكي قال: أنبأنا أبو الحسن الزينبي قال: حدَّثنا محمد بن خلف قال: حدَّثنا عبد الله بنعمرو وأحمد بن حرب قالا: حدَّثنا الزبير بن بكار قال: حدَّثني محمد بن المؤمل بن طالوت قال: حدَّثني أبي عن الضحاك بن عثمان الحزامي قال: خرجت في آخر الحج فنزلت بالأبواء على امرأة فأعجبني ما رأيت من حسنها وأطربني فتمثلت قول نصيب: بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب ** وقل إن تملينا فما ملك القلب خليلي من كعب إلى ما هديتما **بزينب لا يقعدكما أبدًا كعب وقولا لها ما في العباد لذي الهوى ** بعاد وما فيه لصدع النوى شعب فمن شاء رام أو قال ظالمًا ** لصاحبه ذنب وليس له ذنب فلما سمعتني أتمثل بهذه الأبيات قالت لي: يا فتى العرب أتعرف قائل هذا الشعر قلت: نعم ذاك نصيب قالت: نعم هو ذاك فتعرف زينب قالت: لا قالت: والله أنا زينب قلت: فحياك الله قالت: أما إن اليوم موعده من عند أمير المؤمنين خرج إليه عام أول ووعدني هذا اليوم ولعلك لا تبرح حتى تراه قال: فما برحت من مجلسي حتى إذا أنا بركب يزول مع السراب فقالت: ترى خبب ذلك الفارس - أو ذاك الركب - إني لأحسبه إياه قال: واقبل الركب فأمنا حتى أناخ قريبًا من الخيمة فإذا هو نصيب ثم ثنى رجله عن راحلته فنزل ثم أقبلفسلم علي وجلس منها ناحية وسلم عليها وساءلها وساءلته فأخفيا ثم أنها سألته أن ينشدها ما أحدث من الشعر بعدها فجعل ينشدها فقلت في نفسي: عاشقان أطالا التنائي لا بد أنيكون لأحدهما إلى صاحبه حاجة فقمت إلى راحلتي أشد عليها فقال لي على رسلك أنا معك فجلست حتى نهض ونهضت معه فتسايرنا ساعة ثم التفت وقال: قلت في نفسك: محبان التقيا بعد طول تناء لا بد أن يكون لأحدهما إلى صاحبه حاجة قلت: نعم قد كان ذلك قال فلا ورب هذه البنية التي إليها نعمد ما جلست منها مجلسًا قط أقرب من مجلسي الذي رأيت ولا كان شيء مكروه قط.أخبرنا محمد بن أبي منصور قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال: حدَّثنا محمد بن خلف قال: حدَّثنا محمد بن معاذ عنإسحاق بن إبراهيم قال: حدَّثني رجل من قريش عمن حدثه قال: كنت حاجًا ومعي رجل من القافلة لا أعرفه ولم أره قبل ذلك ومعه هوادج وأثقال وصبية وعبيد ومتاع فنزلنا منزلًا فإذا فرش ممهدة وبسط قد بسطت فخرج من أعظمها هودج امرأة زنجية فجلست على تلك الفرش الممهدة ثم جاء زنجي إلى جنبها على الفراش فبقيت متعجبًا منهما فبينا أنا أنظر إليهما إذ مر بنا مار وهو يقود إبلًا فجعل يتغنى ويقول: بزينب ألمم أن يرحل الركب ** وقل إن تملينا عما ملك القلبقال: فوثبت الزنجية إلى الزنجي فخبطته وضربته وهي تقول: شهرتي في الناس شهرك الله فقلت من هذا قالوا: نصيب الشاعر وهذه زينب. قال محمد بن خلف: وحدثني أبو بكر بن شداد قال: حدَّثني أبو عبد الله بن أبي بكر قال:حدَّثني إبراهيم بن زيد بن عبد الله السعدي قال: حدَّثتني جدتي عن أبيها عن جدها قالت: رأيت رجلًا أسودًا ومعه امرأة بيضاء فجعلت أتعجب من سواده وبياضها فدنوت منه فقلت: من أنت فقال: أنا الذي أقول: أتصرمني عن الألى فهم العدا ** فتشمتهم بي أم تدوم على العهدقال: فصاحت: بلى والله تدوم على العهد فسألت عنها فقيل: هذا نصيب وهذا أم بكر.قال ابن خلف: وأخبرني جعفر اليشكري قال: حدَّثني الرياشي قال: أخبرني العتبي قال: دخل نصيب على عبد العزيز بن مروان فقال له: هل عشقت يا نصيب قال: نعم جعلني اللهفداك قال: من قال: جارية لبني مدلج فأحدق بها الواشون فكنت لا أقدر على كلامها إلابعين أو إشارة أجلس لها على الطريق حتى تمر بي فأراها وفي ذلك أقول: جلست لها كيما تمر لعلني ** أخالسها التسليم إن لم تسلم فلما رأتني والوشاة تحدرت ** مدامعها خوفًا ولم تتكلم مساكين أهل العشق ما كنت مشتر ** جميع حياة العاشقين بدرهم فقال عبد العزيز: ويحك وماذا فعلت المدلجية قال: اشتريت وأولدت قال: فهل في قلبكمنها شيء قال: عقابيل أوجاع. قال ابن خلف: وأخبرني نوفل بن محمد المهلبي عن محمد بن سلام قال: دخل نصيب علىيزيد بن عبد الملك فقال: حدَّثني ببعض ما مر عليك فقال: يا أمير المؤمنين علقت جارية حمراء - يعني بيضاء - فمكثت زمانًا تمنيني بالأباطيل فأرسلت إليها هذه الأبيات: ولي كرم عن الفحشاء ناء كبعد الأرض من جو السماء ومثلي في رجالكم قليل ومثلك ليس يعدم من النساء فإن ترضي فردي قول راض وإن تنأي فنحن على السواء فلما قرأت الكتاب قالت: المال والعقل يعفيان على غيرهما فزوجتني نفسها.أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا محفوظ بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا أبو علي محمدبن الحسين الجارزي قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدَّثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: حدَّثنا أحمد بن يحيى قال: حدَّثنا الزبير قال: حدَّثنا أحمد بن عبد الله عن معاذ صاحب الهروي قال: دخلت مسجد الكوفة فرأيت رجلًا لم أر قط أنقى ثيابًا منه ولا أشد سوادًا فقلت له: من أنت قال: نصيب فقلت: أخبرني عنك وعن أصحابك فقال: جميل إمامنا وعمر أوصفنا لربات الحجال وكثير أبكانا على الأطلال والدمن وقد قلت ما سمعت قلت: فإن الناسيزعمون أنك لا تحسن أن تهجو فقال: فأقروا لي أني أحسن أن أحمد قلت: نعم قال: فترى ألاأحسن أن أجعل مكان عافاك الله أخزاك الله بلى قلت: ولكني رأيت الناس رجلين رجلًا لم أسأله فلا ينبغي أن أهجوه فأظلمه ورجلًا سألته فمنعني فكانت نفسي أحق بالهجاء إذ أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر: قال: أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أنبأنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق المكي قال: حدَّثنا الزبير بن بكار قال: حدَّثني عمي قال: حدَّثني أيوب بن عباية قال: حدَّثني خلف بن نوفل بن عبد مناف قال: لما أصاب نصيب من المال ما أصاب وكانت عنده أم محجن - وكانت سوداء - تزوج امرأة بيضاء فغضبت أم محجن وغارت فقال يا أم محجن والله ما مثلي يغار عليه أني لشيخ كبير وما مثلك من يغار لأنك عجوز كبيرة وما أجد أكرم علي منك ولا أوجب حقًا فجوزي هذا الأمر ولا تكدريه علي فرضيت وقرت ثم قال لها بعد ذلك: هل لك أن أجمع إليك زوجتي الجديدة فهو أصلح لذات البين وألم للشعث وأبعد للشماتة فقالت: افعل فأعطاها دينارًا وقال: أني أكره أن ترى بك خصاصة وأن تفضل عليك فاعملي لها إذا أصبحت عندك غدًا نزلًا بهذا الدينار ثم أتى زوجته الجديدة فقال لها: أني قد أردت أن أجمعك إلى أم محجن غدًا وهي مكرمتك وأكره أن تفضل عليك فخذي هذا الدينار فاهدي لها به إذا أصبحت عندها غدًا لئلا ترى بك خصاصة ولا تذكري الدينار لها ثم أتى صاحبًا يستنصحه فقال: أني أريد أن أجمع زوجتي الجديدة إلى أم محجن غدًا فأتني مسلمًا فإني سأستجلسك للغداء فإذا تغديت فسلني عن أحبهما إليّ فإني سأنفر وأعظم ذلك وآبى أن أخبرك فإذا أبيت ذلك فاحلف علي فلما كان الغد زارت زوجته الجديدة أم محجن ومر به صديقه فاستجلسه فلما تغديا أقبل الرجل عليه فقال: يا أبا محجن أحب أن تخبرني عن أحب زوجتيك إليك قال: سبحان الله تسألني عن هذا وهما يسمعان ما سأل عن مثل هذا أحد قال: فإني أقسم عليك لتخبرني فو الله إني لا أعذرك ولا أقبل إلا ذاك قال: أما إذا فعلت فأحبهما إليّ صاحبة الدينار والله لا أزيدك شيئًا فأعرضت كل واحدة منهما تضحك ونفسها مسرورة وهي تظن أنه عناها بذلك القول.
|